أن الصحة النفسية لكبار السن تمثل جزءًا هامًا من صحتهم العامة وجودتهم في الحياة، وأن توفير الدعم والرعاية الصحية النفسية لكبار السن، يمكن أن تساهم في تحسين جودة الحياة وأن مساعدتهم على التعامل بشكل أفضل تعتبر من التحديات التي قد تواجههم في مرحلة الشيخوخة. هذا تتطلب من الجميع هو العناية بالصحة النفسية لكبار السن، ليكون نهجًا شاملاً للعوامل الاجتماعية والعقلية والبدنية لديهم، الآمر الذي قد يساعدهم على الاستمتاع بحياة صحية مُرضية، لذا فأن توفير الرعاية الصحية النفسية لهم يتطلب مجموعة من الاهتمامات والممارسات التي تساعدهم على الحفاظ على صحتهم النفسية والعافية العامة.
تشير الدراسات النفسية في حصر أعدد المسنيين في العالم في زيادة مضطردة ففي عام 2020، كان هناك مليار شخص في العالم يبلغ 60 عاماً أو أكثر من العمر. وسيزيد هذا الرقم ليصل إلى 1,4 مليار بحلول عام 2030، ويمثل ذلك واحداً من كل ستة أشخاص في العالم. وبحلول عام 2050، سيتضاعف عدد الأشخاص البالغين 60 عاماً أو أكثر من العمر ليصل إلى 2,1 مليار شخص. ويُوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص البالغين 80 عاماً أو أكثر من العمر ثلاثة أضعاف بين عامي 2020 و2050 ليصل إلى 426 مليون نسمة .
ويسهم كبار السن في المجتمع بوصفهم من أفراد الأسرة والمجتمع المحلي، ويُعد الكثيرون منهم من بين المتطوعين والعمال. وفي حين أن معظمهم يتمتع بالصحة الجيدة، فإن العديد منهم يتعرّض لمخاطر الإصابة بحالات الصحة النفسية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق. وقد يعاني العديد منهم أيضاً من تراجع القدرة على الحركة أو الألم المزمن أو الضعف أو الخرف أو غير ذلك من المشكلات الصحية التي تجعلهم في حاجة إلى شكل ما من أشكال الرعاية الطويلة الأجل. ومع تقدم الأشخاص في السن، تزداد احتمالات تعرّضهم لمشكلات صحية متعددة في آن واحد.
وفي كثير من الحالات لا تكون حالات الصحة النفيسة لدى كبار السن معروفة ولا يوفّر لها العلاج الكافي، وقد يؤدي الوصم المرتبط بهذه الحالات إلى إحجام الأشخاص عن التماس المساعدة.
تعزيز الصحة والوقاية
تركز استراتيجيات تعزيز الصحة النفسية والوقاية لكبار السن على دعم التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة. ويعني ذلك تهيئة البيئات المادية والاجتماعية التي تدعم الرفاه وتمكن الأشخاص من القيام بالمهام التي يرون أهميتها، على الرغم من تراجع قدراتهم. وتشمل الاستراتيجيات الرئيسية لتعزيز الصحة النفسية والوقاية من أجل التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة، ما يلي:
– تدابير الحد من انعدام الأمن المالي وعدم المساواة في الدخل؛
– البرامج المعنية بضمان تهيئة المساكن والمباني العامة ووسائل النقل المأمونة والتي يسهل الوصول إليها؛
– الدعم الاجتماعي لكبار السن وللقائمين على رعايتهم؛
– دعم السلوكيات الصحية، ولاسيما اتباع النظام الغذائي المتوازن، وممارسة النشاط البدني، والامتناع عن تعاطي التبغ، والحد من تعاطي الكحول؛
– البرامج الصحية والاجتماعية التي تستهدف الفئات الضعيفة مثل أولئك الذين يعيشون بمفردهم أو في المناطق النائية وأولئك الذين يعانون من الحالات الصحية المزمنة.
وإليك بعض النصائح الرئيسية التي تتعلق بالصحة النفسية لكبار السن وكيفية العناية بها وهي :
- التواصل الاجتماعي : أي تشجيع كبار السن على الاحتفاظ بالاتصال مع الأصدقاء والعائلة ، وهذا يساعدهم على الشعور بالمتعة والملاءمة الاجتماعية، ويقلل من مشاعر العزلة والوحدة. والذي قد يؤثر على الانفصال الاجتماعي والعزلة على الصحة النفسية لكبار السن. لذلك، فأنه من المهم تشجيعهم على التواصل الاجتماعي مع الأصدقاء والعائلة والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
- الممارسة البدنية اليومية: وهو الحفاظ على نشاط بدني منتظم يمكن أن يحسن من المزاج ويقلل من مستويات التوتر والقلق. وتشمل هذه الممارسات المشي الخفيف، وممارسة التمارين الرياضية المنخفضة الشدة مثل اليوغا أو السباحة.
- تنمية الهوايات والاهتمامات الشخصية: وهو تشجيع كبار السن على استكشاف هوايات جديدة أو استئناف النشاطات التي كانوا يستمتعون بها في الماضي وهذا يعزز من شعورهم بالرضا عن الحياة والاستمتاع بوقت فراغ أكثر.
- الحفاظ على التوازن العاطفي: يمكن لممارسة التقنيات مثل التأمل والاسترخاء أن تساعد في تقليل مستويات التوتر وتعزيز الاستقرار العاطفي.
- الحفاظ على التواصل مع الفريق الطبي: يجب البحث عن المساعدة من المهنيين الصحيين المؤهلين، مثل الأطباء والمستشارين النفسيين، الذين يمكنهم تقديم الدعم والعلاج المناسب لفحص الصحة العامة والتأكد من عدم وجود مشاكل صحية تؤثر على الصحة النفسية، مثل الأمراض المزمنة أو الألم المزمن.
- الحفاظ على نمط حياة صحي: ينبغي على كبار السن تناول وجبات صحية متوازنة والحفاظ على نمط حياة نشط يشمل النوم الجيد وتجنب التدخين، وكذلك تناول وجبات غنية بالفواكه والخضروات والبروتينات الصحية يمكن أن يساعد في دعم الصحة العقلية والجسدية.
- المشاركة في أنشطة اجتماعية وتعليمية: هو الانخراط في الأنشطة المجتمعية والتعليمية وهذا يساعد في تعزيز الشعور بالتواصل والمساهمة في المجتمع، وبالتالي تعزيز الصحة النفسية.
- التحفيز العقلي: يساعد الانخراط في الأنشطة المعرفية والذهنية مثل القراءة وحل الألغاز على الحفاظ على صحة الدماغ والوقاية من مشاكل مثل الخرف والاكتئاب.
كيفية العناية بالصحة النفسية لكبار السن
د. حسين مدالله الطراونــــــــــــه
مستشار علــــم النفس الارشادي